الاحتواء- استراتيجية أمريكية للهيمنة وتحديات العالم لمواجهتها
المؤلف: أسامة يماني10.28.2025

تُعرّف سياسة الاحتواء، التي وضع أسسها المفكر البارز جورج كينان، الخبير السياسي الأمريكي المرموق، عام 1947، بأنها الاستراتيجية الرئيسية التي تبنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها خلال حقبة الحرب الباردة بهدف منع انتشار النفوذ الشيوعي. لقد استغرقت جهود الاحتواء أربعين عاماً حافلة بالتحديات والتعقيدات لتحقيق النجاح المنشود، وشهدت خلالها الولايات المتحدة ارتكاب العديد من الأخطاء الجسيمة، بما في ذلك التورط في حرب فيتنام المدمرة ودعم الإطاحة العنيفة بالعديد من الحكومات الشرعية. ومع ذلك، وفي نهاية المطاف، وبسبب الأخطاء الجوهرية التي وقع فيها الاتحاد السوفيتي، تمكنت هذه السياسة من إطلاق العِنان لقوى داخلية فاعلة داخل الاتحاد السوفيتي، مما أدى في نهاية المطاف إلى انهيار النظام الشيوعي. وفي سياق سعيها الدائم للحفاظ على هيمنتها، قامت واشنطن بتوسيع نطاق سياسة الاحتواء لتشمل ما تسميه "الدول المارقة" والدول الخارجة عن سلطتها ونفوذها. وفي جوهرها، تمثل سياسة الاحتواء فعلاً وقائياً استباقياً وإجراءً تعسفياً يُتخذ ضد الدول المسالمة التي تسعى جاهدة للحفاظ على مصالحها المشروعة، وهي بالتالي مسعى للتوسع الإقليمي بالقوة، وتهدف إلى تقويض نفوذ الدول التي ترفض الانصياع للسياسات الأمريكية.
تشتمل سياسة الاحتواء على عناصر متنوعة ومتكاملة، تشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية، بالإضافة إلى بناء التحالفات وتشويه سمعة الخصوم وتلطيخهم بالعار عبر استخدام الآلة الإعلامية الضخمة، وكذلك تبني طموحات الطرف النقيض وإيجاد قاسم مشترك من الرغبات بين الأطراف المتنازعة، وإرغام الخصم على تبني خيارات معينة أو التحايل عليه من خلال تبني مقترحات لا تصب في مصلحته، سواء أدرك ذلك أم لم يدرك.
تجدر الإشارة إلى أن سياسة الاحتواء تختلف جوهرياً عن سياستي التطويق والاستقطاب. فالاحتواء يعتمد على لغة الضم والاستمالة وكسب النفوذ، بينما يركز التطويق على الحصار والعزلة. فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، شرع الغرب في تطبيق سياسة تطويق ضد روسيا، وهي السياسة التي بلغت ذروتها في الحرب الأوكرانية الحالية. وما تفعله أمريكا مع الصين يندرج أيضاً في إطار سياسة التطويق. أما سياسة الاستقطاب، فهي تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن من الدول المؤيدة لمبادئ واستراتيجيات كل طرف من الأطراف المتنافسة. وهو ما تقوم به واشنطن حالياً في منطقة الشرق الأوسط من خلال استقطاب دول المنطقة إلى جانبها.
لقد استغرقت سياسة الاحتواء التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ضد الاتحاد السوفيتي أربعين عاماً كاملة. وهذا يؤكد أن سياسات الغرب لا تحيد عن أهدافها حتى تحقيقها بالكامل، مهما كانت الخسائر والأضرار التي قد تنجم عن ذلك. إن المنطقة العربية مستهدفة بمخطط يهدف إلى تقسيمها ثم إعادة تقسيم المقسم، وذلك بهدف الاستيلاء على خيرات هذه المنطقة وثرواتها. إن الغرب عازم على استخدام التكنولوجيا وكل قدراته المتاحة والضغط المتواصل على المنطقة لكي تبقى في نطاق نفوذه وسيطرته، وكل مناوراته وتراجعاته الشكلية ما هي إلا تطبيق لسياساته وخططه التي وضعها مسبقاً للمنطقة.
إن الاحتواء الذي يشهده عالمنا اليوم سيتحقق أيضاً من خلال استخدام التكنولوجيا التي تهيمن على حياتنا واقتصادنا وقواتنا العسكرية واستقلالنا ووجودنا في عالم اليوم، وهو ما يستخدمه الغرب حالياً ضد خصومه ومنافسيه.
إن أفضل وسيلة لمواجهة هذه السياسات هي تحقيق التحرر الاقتصادي من خلال تنويع مصادر الاقتصاد والعمل على خلق فرص استثمارية كبيرة ومتنوعة مع دول الشرق وأفريقيا، وفي الوقت نفسه جعل هذه الفرص جذابة للغرب للانخراط في هذه المشروعات التي تبتعد عن هيمنة الدول الغربية. ومن الضروري أيضاً العمل على كسر احتكار الغرب لوسائل الإعلام العالمية، والخروج عن رقابة وسائل التواصل الغربية، وبناء القدرات التقنية الذاتية، وهو أمر ضروري وحتمي للبقاء كدول مؤثرة ذات سيادة حقيقية. وكذلك تطوير البنية القانونية وخلق مجتمعات حيوية تؤمن بقدراتها وإمكاناتها، وهي أمور أساسية للخروج من الهيمنة الغربية. ومن المطلوب أيضاً الدخول في تحالفات استراتيجية مع الدول الإسلامية الكبيرة مثل إندونيسيا وباكستان وماليزيا، وتفعيل دور المنظمات القائمة مثل جامعة الدول العربية وغيرها من المنظمات السياسية والمالية والدينية والرياضية والثقافية. وتوطين التكنولوجيا بالتعاون مع روسيا والصين وغيرها من دول العالم. والاستثمار بكثافة في المشاريع الواعدة في الشرق بعيداً عن الهيمنة الغربية الخانقة.
تشتمل سياسة الاحتواء على عناصر متنوعة ومتكاملة، تشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية، بالإضافة إلى بناء التحالفات وتشويه سمعة الخصوم وتلطيخهم بالعار عبر استخدام الآلة الإعلامية الضخمة، وكذلك تبني طموحات الطرف النقيض وإيجاد قاسم مشترك من الرغبات بين الأطراف المتنازعة، وإرغام الخصم على تبني خيارات معينة أو التحايل عليه من خلال تبني مقترحات لا تصب في مصلحته، سواء أدرك ذلك أم لم يدرك.
تجدر الإشارة إلى أن سياسة الاحتواء تختلف جوهرياً عن سياستي التطويق والاستقطاب. فالاحتواء يعتمد على لغة الضم والاستمالة وكسب النفوذ، بينما يركز التطويق على الحصار والعزلة. فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، شرع الغرب في تطبيق سياسة تطويق ضد روسيا، وهي السياسة التي بلغت ذروتها في الحرب الأوكرانية الحالية. وما تفعله أمريكا مع الصين يندرج أيضاً في إطار سياسة التطويق. أما سياسة الاستقطاب، فهي تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن من الدول المؤيدة لمبادئ واستراتيجيات كل طرف من الأطراف المتنافسة. وهو ما تقوم به واشنطن حالياً في منطقة الشرق الأوسط من خلال استقطاب دول المنطقة إلى جانبها.
لقد استغرقت سياسة الاحتواء التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ضد الاتحاد السوفيتي أربعين عاماً كاملة. وهذا يؤكد أن سياسات الغرب لا تحيد عن أهدافها حتى تحقيقها بالكامل، مهما كانت الخسائر والأضرار التي قد تنجم عن ذلك. إن المنطقة العربية مستهدفة بمخطط يهدف إلى تقسيمها ثم إعادة تقسيم المقسم، وذلك بهدف الاستيلاء على خيرات هذه المنطقة وثرواتها. إن الغرب عازم على استخدام التكنولوجيا وكل قدراته المتاحة والضغط المتواصل على المنطقة لكي تبقى في نطاق نفوذه وسيطرته، وكل مناوراته وتراجعاته الشكلية ما هي إلا تطبيق لسياساته وخططه التي وضعها مسبقاً للمنطقة.
إن الاحتواء الذي يشهده عالمنا اليوم سيتحقق أيضاً من خلال استخدام التكنولوجيا التي تهيمن على حياتنا واقتصادنا وقواتنا العسكرية واستقلالنا ووجودنا في عالم اليوم، وهو ما يستخدمه الغرب حالياً ضد خصومه ومنافسيه.
إن أفضل وسيلة لمواجهة هذه السياسات هي تحقيق التحرر الاقتصادي من خلال تنويع مصادر الاقتصاد والعمل على خلق فرص استثمارية كبيرة ومتنوعة مع دول الشرق وأفريقيا، وفي الوقت نفسه جعل هذه الفرص جذابة للغرب للانخراط في هذه المشروعات التي تبتعد عن هيمنة الدول الغربية. ومن الضروري أيضاً العمل على كسر احتكار الغرب لوسائل الإعلام العالمية، والخروج عن رقابة وسائل التواصل الغربية، وبناء القدرات التقنية الذاتية، وهو أمر ضروري وحتمي للبقاء كدول مؤثرة ذات سيادة حقيقية. وكذلك تطوير البنية القانونية وخلق مجتمعات حيوية تؤمن بقدراتها وإمكاناتها، وهي أمور أساسية للخروج من الهيمنة الغربية. ومن المطلوب أيضاً الدخول في تحالفات استراتيجية مع الدول الإسلامية الكبيرة مثل إندونيسيا وباكستان وماليزيا، وتفعيل دور المنظمات القائمة مثل جامعة الدول العربية وغيرها من المنظمات السياسية والمالية والدينية والرياضية والثقافية. وتوطين التكنولوجيا بالتعاون مع روسيا والصين وغيرها من دول العالم. والاستثمار بكثافة في المشاريع الواعدة في الشرق بعيداً عن الهيمنة الغربية الخانقة.
